من نحن

Pakrewanên Azadîyê

كيف نجعل الشهيد وصيّاً على تضحيته، شاهداً ووريثاً وحيداً لها في كل وقت وأوان؟ كيف نضمن له ونبرهن أن رفاق دربه سيواصلون المسيرة من بعده ويكونون أوفياء لدمه، وأنهم سيجعلون أحلامه حيّة معاشة؟هل تخليد الشهيد يتحقق عبر تذكّره وإحياء ذكراه كشيء من الماض فحسب؟ أم أن الخلود للشهداء فعل أبعد دلالة من ذلك وأعمق؟ مالسبيل إلى جعل ذلك فكرة حيّة ومعاشة تتخطى نطاق الذاكرة الفردية أو الجماعية؟ ثم كيف يمكن ترجمة فعل الشهادة إلى سلوك يومي حيّ؟ الشهداء ليسوا مجرد شهود على ماضينا الحافل بتضحياتهم، هم كذلك أوصياء على حاضرنا وعلى مستقبلنا، الذي ينبغي أن يصبح أكثر حريّة وعدلاً بدمائهم التي ستظلّ تسريّ في وعينا بهويتنا الحرّة وتجري في عروق شعورنا بالكرامة. الشهداء ليسوا مجرد صور من الماضي، أو مجرد ذكريات مشفوعة بمشاعر الفخر والفراق، إنهم أكثر من ذلك، قنادل مضيئة أبدية تنير كل أحلامنا ومسالك مستقبلنا. إنهم الآن هنا، معنا، وهم هناك أمامنا ينتصبون بقاماتهم العالية التي تعانق سماء حريتنا. دماؤهم ليست نظير الدم الذي يجري في عروقنا، بل نحن من ينبغي أن نصبو إلى أن يستحيل دمنا إلى لون دمهم، نسغ حيّ من الشجاعة والشعور الحيّ بالغيرة والكرامة ونكران الذات. الأمم والشعوب التي لا تعلم كيف تحترم شهدائها، ولا تحسن أن تستلهم من تضحياتهم المعاني السامية، هي الأمم المحكومة بالعبودية، غير الجديرة بالحريّة، فاقدة للشعور بالكرامة أو الحاجة إليها. ولأننا نصبوا إلى أن نكون على مسرح التاريخ بجوار الشعوب والأمم الحرة، صنّاعاً لتاريخنا، فالأولى بنا أن نطلب العلم من مدرسة الشهادة والشهداء، فهم أجدر حكماء التاريخ، وفي دمهم تتجسد الحكمة الخالدة، حكمة الإرادة الحرّة والواعية.